أكد أعضاء منظمة التجارة العالمية المشاركون في مفاوضات التجارة الإلكترونية، الانتهاء من نص تفاوضي "نظيف" بشأن مسألة التوقيعات الإلكترونية والتوثيق.

وأثنى منظمو المحادثات – أستراليا، سنغافورة، واليابان - على الأعضاء لعملهم الشاق وحثهم على التعجيل بجهودهم من أجل الوفاء بالمواعيد النهائية المحددة لهذا العام. وقالوا "نحن بحاجة إلى الحفاظ على الزخم الذي بدأت به المجموعة هذا العام".

ويسعى النص النظيف المتعلق بالتوقيعات الإلكترونية والتوثيق إلى ضمان عدم حرمان التوقيعات الإلكترونية المستخدمة في المعاملة الإلكترونية من قيمتها أو أثرها القانوني لأنها تقدم في شكل إلكتروني.

وأفادت ميسرة المناقشة في هذه المجموعة الصغيرة، جينتاري كيمكليني (الاتحاد الأوروبي)، بأن النص النظيف هو نتيجة للعمل الشاق ومرونة الأعضاء، وهو مستمد من 11 اقتراحا قدمها الأعضاء في بداية العملية.

وبعد ثلاثة أعوام من تأسيسها، أقر المؤتمر الوزاري الثاني للمنظمة - أيار (مايو) 1998 - بأن التجارة الإلكترونية العالمية آخذة في النمو وأنها ستواصل إيجاد فرص جديدة للتجارة، ما دفعهم إلى اعتماد الإعلان المتعلق بالتجارة الإلكترونية العالمية ذلك العام.

ودعا الإعلان إلى وضع برنامج عمل شامل لدراسة جميع المسائل المتصلة بالتجارة المتصلة بالتجارة الإلكترونية العالمية الذي اعتمد فيما بعد في أيلول (سبتمبر) 1998.

في ذلك الإعلان، اتفق الوزراء أيضا على عدم فرض رسوم جمركية على الإرسال الإلكتروني. في الواقع هو "وقف اختياري للرسوم الجمركية"، بمعنى أن الباب لا يزال مفتوحا حول إمكانية فرضها عند إزالة هذا الوقف، وهو لا يزال يلقى مقاومة.

تشمل المواعيد النهائية التي حددها المنظمون لهذا العام تهيئة ما مجموعه عشرة نصوص نظيفة بشأن قضايا مختلفة بحلول العطلة الصيفية، وتحقيق تقدم كبير في المؤتمر الوزاري الـ12 لمنظمة التجارة، الذي سيعقد من 30 تشرين الثاني (نوفمبر) إلى 3 كانون الأول (ديسمبر) 2021 في جنيف. وسيكون النص المتعلق بالتوقيعات الإلكترونية والتوثيق جزءا من النتيجة التي تسعى مبادرة التجارة الإلكترونية إلى تحقيقها من قبل المؤتمر الوزاري.

وقال السفير جورج مينا (أستراليا)، بوصفه أحد منظمي الاجتماعات، إن النص "مستقر ونظيف" وهو عنصر أساسي في التجارة الإلكترونية لأنه يسهم في التجارة الأكثر كفاءة وأمنا وسيعزز التجارة الرقمية والنمو الاقتصادي. وأكد أن القدرة على تجنب الطباعة والبريد وحفظ التوقيعات والتوثيق في شكل مادي عندما يتم إنجاز بقية الصفقة في بيئة الإنترنت هي دفعة هائلة للكفاءة والإنتاجية.

في شباط (فبراير) هذا العام، وضع الأعضاء اللمسات الأخيرة على "نص نظيف" آخر يتعلق بالرسائل التجارية غير المرغوب فيها، المعروفة باسم "البريد المزعج" أو "سبام".

وكما حدث في الثورات التقنية السابقة، فإن الفوائد الناجمة عن التحولات الرقمية ستكون هائلة. في هذا المجال، قال السفير هونج سينج تان (سنغافورة)، أحد منظمي الاجتماعات، إن مشهد الاتصالات يتطور بسرعة وهو إحدى الركائز الأساسية لدعم الاقتصاد الرقمي، لكنها لن تتحقق تلقائيا.

وأضاف "ستعتمد النتيجة على السياسات والأنظمة والتدابير المتخذة على الصعيدين الوطني والدولي لبناء القدرات اللازمة للدول للتعامل مع الاختلالات التقنية. لذلك فإن تنظيم التجارة الإلكترونية الصديقة للتنمية أمر مهم. وأن وجود قواعد واضحة في هذا المجال سيوفر للشركات اليقين ويشجع على التبني الرقمي والابتكار".

وذكر أن الوقت قد حان كي ينظر الأعضاء في كيفية تضييق الفجوة الرقمية لتكون مبادرة التجارة الإلكترونية مفيدة في دفع النمو الاقتصادي لجميع الأعضاء.

بدورهم، أفاد ميسرو مناقشات الفرق الصغيرة، أنهم تمكنوا من سد الخلافات بشأن المقترحات النصية التي تغطي: حماية المستهلك عبر الإنترنت، والتجارة غير الورقية، والبيانات الحكومية المفتوحة، وشفرة المصدر، والرسوم الجمركية على النقل الإلكتروني، والوصول المفتوح إلى الإنترنت. وتم إجراء مناقشة جديدة بين مجموعات صغيرة بشأن العقود الإلكترونية.

كما أعاد الأعضاء النظر في مقترحات تتعلق بخدمات الاتصالات السلكية واللا سلكية. ويسعى الاقتراح الأول إلى تحديث ورقة أساس لخدمات الاتصالات - وهي وثيقة صدرت في 1996 تغطي المبادئ التنظيمية المتعلقة بخدمات الاتصالات السلكية واللاسلكية - لضمان أن تغطي تخصصات الإنترنت وخدمات الاتصالات السلكية واللاسلكية جميعا أوجه التجارة عبر الإنترنت.

ويتناول الاقتراح الثاني إنتاج وتوريد ومعالجة معدات ومنتجات الشبكات المتصلة بالتجارة الإلكترونية، وهي معدات ومنتجات ضرورية لتيسير المعاملات عبر الإنترنت. ناقش الأعضاء أيضا اقتراحا يتعلق بالشفافية في خدمات الاتصالات السلكية واللاسلكية.

من جهته، قال كازويوكي يامازاكي (اليابان)، إن مبادرة التجارة الإلكترونية ستتناول القضايا المتعلقة ببيانات المتعاملين في هذا النوع الحيوي من التجارة في الاجتماع المقبل.

وأوضح أن البيانات هي دم الحياة للتجارة الإلكترونية ما يتطلب تعميق النقاش بالبيانات كي يكون للمبادرة نتيجة ذات مغزى. وذكر أنه في الوقت الذي تسعى فيه المبادرة إلى تحقيق مستوى عال فإن هدفها هو أيضا ضمان مشاركة أكبر عدد ممكن من أعضاء المنظمة، مشيرا إلى أنه من المهم فهم الصعوبات التي تواجهها الدول النامية في مجال بناء القدرات والفجوة الرقمية.

لكن لبيانات المتعاملين في التجارة الإلكترونية تحديات عظيمة تواجهها المفاوضات. ففي حين يتزايد الاعتراف بالبيانات الرقمية كمورد اقتصادي مهم ومحرك رئيس للاقتصاد الرقمي، برز التقاط قيمة ومزايا متنوعة من البيانات الرقمية كتحد مركزي لوضع أنظمة التجارة الإلكترونية.

ينظر واضعو القواعد في المفاوضات في نهج مختلف لتحديد فئات البيانات، بما في ذلك تحديد ملكية البيانات التي يقدمها الأفراد والمجتمعات المحلية عند استخدام المنصات الرقمية العالمية - التي يقع معظمها في الولايات المتحدة والصين - والتعويض المحتمل لأولئك الذين تستخدم بياناتهم لأغراض أخرى. وسيكون التنظيم الملائم لتدفقات البيانات عبر الحدود أمرا أساسيا لضمان تحقيق نتائج ملموسة في التجارة الإلكترونية ضمن اقتصاد عالمي قائم على البيانات.

لكن بسبب الأثر الذي يمكن أن يحدثه الحصول المتميز على البيانات على القدرة التنافسية للشركات، وعلى التوزيع العام للدخل، وعلى تركيز السوق، فإن تنظيم المتفاوضين للبيانات لا يزال معقدا، ليس فقط في البعد التجاري، لكن أيضا في المسائل المتصلة بالأمن القومي والخصوصية الشخصية وإنفاذ القانون.

وأطلقت منظمة التجارة مفاوضات الجوانب المتعلقة بالتجارة الإلكترونية في كانون الثاني (يناير) 2019، بمشاركة 76 عضوا. هناك الآن 86 عضوا مشاركا – من ضمنهم السعودية - يمثلون أكثر من 90 في المائة من التجارة العالمية ويمثلون جميع المناطق الجغرافية الرئيسة ومستويات التنمية. وقد اختار عديد من الدول النامية عدم الدخول في مفاوضات التجارة الإلكترونية معللة، في جملة أمور، أنها تفضل أولا بناء قدراتها التنظيمية والمؤسسية.

ويعني مصطلح "التجارة الإلكترونية" حسب تعريفات منظمة التجارة إنتاج السلع والخدمات أو توزيعها أو تسويقها أو بيعها أو تسليمها بالوسائل الإلكترونية". وقد كلفت أربع هيئات تابعة لمنظمة التجارة بمسؤولية تنفيذ برنامج العمل: مجلس التجارة في الخدمات، مجلس التجارة في السلع، مجلس الأوجه التجارية المتصلة بحقوق الملكية الفكرية (تربس) ولجنة التجارة والتنمية.

ويقوم المجلس العام، وهو بمنزلة الذراع التنفيذية لمنظمة التجارة، دورا مركزيا ويبقي برنامج العمل قيد المراجعة المستمرة بناء على تقارير من الهيئات المسؤولة عن تنفيذ البرنامج.