كشفت مصادر صحفية أن فضيحة شركة الاتصالات العملاقة إريكسون أصبحت مثل كرة الثلج التي تنحدر من أعلى جبل بعد إدراج رئيسها التنفيذي وكبير مسؤوليها الماليين في دعوى جماعية بمحكمة نيويورك بتهمة تضليل المستثمرين في العراق.

 

وتعد إريكسون محور فضيحة بشأن مبالغ محتملة دفعت كرشاوى لداعش الإرهابي في العراق خلال سيطرة التنظيم على مناطق واسعة هناك بين عامي 2011 و2018.

 

بدورها، قالت وزارة العدل الأميركية يوم الأربعاء إن الشركة تقاعست عن الكشف الكامل عن تفاصيل عملياتها في العراق في انتهاك لاتفاقية مبرمة عام 2019 تسمى اتفاقية تأجيل المقاضاة.

 

أكثر من مليار دولار

وبموجب بنود اتفاقية عام 2019 دفعت إريكسون أكثر من مليار دولار لحل سلسلة من تحقيقات الفساد تشمل قضايا رشوة في الصين وفيتنام وجيبوتي ووافقت على التعاون مع الوزارة في التحقيقات الجارية.

 

وخسرت إريكسون نحو ثلث قيمتها السوقية منذ أن كشفت تقارير إخبارية تلك الرشى المزعومة في فبراير الماضي.

 

وكانت إريكسون قالت إن تحقيقاً داخلياً، انتهى في 2019 ولم يُنشر إلا في فبراير بعد استفسارات وسائل الإعلام، رصد أموالا دفعت بهدف التحايل على الجمارك العراقية في وقت كانت فيه تنظيمات متشددة، من بينها داعش تسيطر على بعض الطرق.

 

فقد كشفت وثائق سرية تورط الشركة بالمساعدة في دفع رشاوى للتنظيم، من أجل مواصلة بيع خدماتها وعرّضت مقاوليها للخطر وسمحت باختطافهم من قبل المسلحين، بحسب تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية.

 

وأظهرت الوثائق أن إريكسون، التي تعمل في العراق منذ سنوات وباعت معدات بقيمة 1.9 مليار دولار بين عامي 2011 و2018، تلقت عروضاً من شركات كانت مستعدة لنقل بنيتها التحتية.

 

لكن الشركة متعددة الجنسيات اختارت مقاولاً يكلف أموالاً أكثر من الشركات الأخرى، لأنه وعد بتسليم مضمون وأسرع.

 

"خدمة الطريق السريع"

وأصبح هذا الخيار المتميز يُعرف باسم "خدمة الطريق السريع" على عكس "الطريقة القانونية"، في وقت كان داعش الذي سيطر على مدينة الموصل عام 2014، يبسط حكمه القاتم على حوالي 40٪ من العراق، وقام بتمويل إدارة المنطقة من خلال مزيج من الضرائب وبيع النفط والنهب حتى طرده عام 2017.

 

فيما رجحت الوثائق أن تكون التكلفة الأعلى استخدمت في دفع الرشاوى إلى مسلحي التنظيم على طول طرق النقل.

 

كما دفعت مبالغ غير قانونية لمسؤولي الجمارك للالتفاف على الضرائب الحدودية.

 

وأقرت الشركة في بيان أن موظفيها قد تورطوا في سوء سلوك واسع النطاق في العراق، وارتكبوا انتهاكات "خطيرة" لأنظمتها، بما في ذلك المدفوعات غير المنتظمة وعدم دفع الضرائب بين عامي 2011 و2019.

 

وبحسب الوثائق المسربة، بلغت قيمة المدفوعات المشبوهة في العراق للشركة نحو 37 مليون دولار، بالإضافة إلى إعطاء المسؤولين هدايا وإجازات.

 

وذكرت إريكسون أنها نشرت البيان لأنها "ملتزمة بالشفافية". ومع ذلك، رفضت شركة الاتصالات العملاقة الإجابة على أسئلة متعددة من الصحف.

 

كما اعترفت الشركة بأنها دفعت عشرات الملايين من الدولارات في معاملات فاسدة، من خلال الصناديق الوهمية بين عامي 2000 و2016، في خمس دول هي جيبوتي والصين وفيتنام وإندونيسيا والكويت.

 

لكن الوثائق المسربة تسرد أدلة على مزاعم فساد وسوء تصرف في عشر دول أخرى على مدى العقد الماضي.

 

وفي لبنان، يُزعم أن الشركة استخدمت صندوقا طفيفا لتقديم الهدايا والترفيه والضيافة لأعضاء الحكومة بين عامي 2010 و2019، بقيمة 800 ألف دولار. كما دفعت رشاوى في البحرين وأنغولا.

 

وتكشف الوثائق المسربة أيضا تورط إريكسون في الفساد أثناء منح عقد في جنوب أفريقيا، والتصرف بطريقة احتيالية أثناء الاستحواذ على شركة في الولايات المتحدة، وقد تم تحديد سوء سلوك مزعوم آخر من قبل المحققين في البرازيل وأذربيجان وليبيا والمغرب.

 

يذكر أن إريكسون، التي يقع مقرها الرئيسي في ستوكهولم، توظف 100 ألف شخص وتبيع معدات اتصالات في 180 دولة.

 

كذلك تلعب دوراً رائداً في تطوير الجيل التالي من تقنية الهاتف المحمول 5G في المملكة المتحدة.