بينما يتسارع دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاعات المصرفية، والصحية، والعقارية، وغيرها، تبرز أهمية التكيّف والتأقلم مع التقنيات الحديثة. صحيحٌ أننا ما زلنا في المراحل المبكرة لتوظيف تلك التقنيات، إلّا أننا نقترب من حصول تغييرات على أساليب حياتنا ونشاطاتنا الاجتماعية في المستقبل، عبر الاستفادة من الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي.

 

ومع تصاعد التحديات في المدن الحديثة وزيادة كثافتها السكانية، صارت الحاجة للتنمية المستدامة والذكية ضمن تطوير بيئة المدن أكثر إلحاحاً، مدفوعةً بالتقدّم السريع للتقنية. ويمكن اعتبار أي مدينة ذكيّة عندما تُدمَج الحلول الرقمية والتقنية بشكلٍ فعالٍ في الحياة اليومية. ولا يمكن تصنيف المدن على أنها ذكية، استناداً إلى عدد التقنيات الذكيّة المتوفّرة، بل إن التصنيف يعتمد على كيفية توظيف هذه التقنية لتؤثر إيجابياً على حياة الناس وتعزّز النمو الاقتصادي.

 

وبحسب بيانات البنك الدولي، يعيش أكثر من 56% من سكان العالم، أي حوالي 4.4 مليار شخصٍ، في المدن. ومن المتوقّع أن يزداد هذا العدد بمقدار الضعفين بحلول عام 2050، إذ يُقدَّر أن تصل نسبة من يسكنون المدن 70% من سكان العالم، وذلك في ظل استمرار الهجرة من الأرياف والمناطق الزراعية نحو المدن الكبرى.

 

وقد شهدت منطقتا الشرق الأوسط وشمال أفريقيا توسّعا حضرياً كبيراً في العقود الأخيرة، إذ يعيش 70% من سكّانها الذين يُقدَّر عددهم بـ 578 مليون نسمة في المناطق الحضريّة (Statista, 2020). ومن المتوقّع أن يرتفع هذا الرقم بحلول عام 2050، ممّا يجعل المنطقة واحدة من أكثر المناطق الحضريّة حول العالم.

 

وفضلًا عن ذلك، تشير التقارير الرسميّة إلى أنَّ أكثر من 80% من سكّان المملكة العربيّة السعوديّة يسكنون المناطق الحضريّة. ولقد مهّد هذا التركيز المرتفع للسكان الذين يعيشون في المناطق الحضرية الطريق لتحولاتٍ كبيرةٍ في حياتنا. ووفقاً لمستهدفات رؤية المملكة 2030، تلتزم المملكة بتأمين بيئاتٍ أكثر استدامةً وذكاءً وقابلية للعيش. وتشكّل الرؤية مثالًا يُحتذى به للدول الأخرى، كما تهدف إلى وضع معايير جديدةٍ للحياة الحضريّة. ومن المتوقع أن يتضاعف سوق المدن الذكيّة العالمية إلى حوالي 3.277 مليون ريال سعودي (873.7 مليار دولار أمريكي) بحلول عام 2026، مقارنةً بـ 1.7 مليار ريال سعودي (457 مليار دولار أمريكي) في عام 2021، أي بمعدّل نمو سنوي مركّب بنسبة 13.8%.

 

هذا وتأتي استراتيجيّة مجموعة stc المتوائمة مع رؤية 2030، لإعادة رسم مشهد الحياة في المناطق الحضرية مع وجود خططٍ طموحةٍ لإنشاء المدن الذكية. وتمهّد خطط مجموعة stc المستقبليّة للمدن الذكيّة، الطريق لمستقبلٍ أكثر ذكاءً واستدامةً وارتباطاً من الناحية الرقمية.

 

ومن نماذج قيادة هذا التحوّل نحو مدن أكثر ذكاء في المملكة، مشروع stc square الضخم ومتعدد الاستخدامات، والمصمّم بشكلٍ فريدٍ ليكون مجتمعًا ذكيًا، يلبي معايير واشتراطات شهادة LEED V4 للاستدامة. ويقوم على تطوير المشروع شركة "عقالات"، وهي ذراع التطوير العقاري لمجموعة stc. وفي هذا المشروع، تتبنّى "عقالات" مفهوم التطوير الذكي للمدن على أساس دمج التقنيات المبتكرة لإدارة المدينة بأسلوب تفاعلي، وكذلك تحسين خدمات إمدادات المياه، وإدارة المركبات الذكية وأنظمة مواقف السيارات، إلى جانب الأنظمة الأمنية المتكاملة، وشبكات النقل المبتكرة، وإدارة النفايات، وغيرها الكثير.

 

ويهدف إدخال التقنية الرقمية والقائمة على البيانات مثل إنترنت الأشياء وتحليلات البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي الهادفة إلى تعزيز الإمكانات الاجتماعية والاقتصادية لهذا المشروع وتحسين الحياة اليومية، إذ تقدِّم شركة iot squared، التابعة لمجموعة stc وأحد مزوّدي خدمات التقنية الرائدة لحلول إنترنت الأشياء، لمشروع stc square، منصّاتٍ لإنترنت الأشياء التي تعزّز إمكانات تحليلات البيانات من أجل اتخاذ قراراتٍ أفضل في التخطيط الحضري (إدارة النفايات والإضاءة الذكية للشوارع)، وإدارة السير (إدارة المواقف الذكيّة والتنقّل الذكي)، والسلامة العامّة (إدارة الكوارث)، إضافة إلى منصّات الذكاء الاصطناعي، التي تُحقّق ترشيد استهلاك الطاقة وإعادة استخدام المياه.

 

وفي الوقت نفسه، تعمل شركة solutions by stc التابعة لمجموعة stc، على توفير أحدث خدمات تقنية المعلومات للمدن الذكية، وذلك من أجل خفض التكاليف وتسريع رحلة التحول نحو المستقبل. ومن خلال منظومة التقنية المتكاملة، تهدف solutions by stc إلى ربط منصّات التنقل الذكية بالمنظومة التقنية المتكاملة؛ بدلًا من الحلول المستقلّة الحاليّة. ويشمل ذلك حلول النقل والتنقّل الذكي التي تدمج التقنيات المتقدّمة في البنية التحتية للنقل والمركبات، إذ تُسهّل تحليل البيانات، وإدارة حركة المرور، وتحسين لوجستيات النقل. كما أنّها تتضمّن تقنية التوأمة الرقمية التي تمكّن معالجة البيانات الفعليّة لأنظمة المرافق مثل المياه والطاقة والغاز وتجميعها مباشرةً لتوفير أفكار وخلاصات قيّمة حول أداء المدينة. وبالإضافة إلى ذلك، تهدف الوجهات السياحية الذكية إلى تحسين كفاءة التجربة السياحية، حيث تقدّم الاعمدة الذكية، والمركبات الذكيّة الذاتيّة القيادة، بالإضافة إلى المعبر الذكي التفاعلي، وهو أكثر الحلول الشاملة والمتقدّمة، والخدمات المدارة لتكون التجربة آمنة وفعّالة.

 

وتفتح هذه الشركات الرائدة آفاقاً جديدة للمدن الذكية، إذ تقدّم حلولًا متطوّرةً تمكّن المدن من التحول إلى مجتمعاتٍ أكثر كفاءةً واستدامةً وشمولية في تقديم الخدمات، حيث يمكن للناس تحقيق النمو والازدهار.

 

إن رحلة مجموعة stc، في استشراف مستقبل المباني والمدن الذكية وقيادة التحول الرقمي، هي دليلٍ آخر على تبني فكر الابتكار وتحقيق الازدهار. في الوقت الذي تواصل فيه المجموعة المساهمة في تحسين جودة الحياة في المملكة، والمساهمة في تعزيز مكانة المملكة كنموذج عالمي رائد في مجالي التقنية والاستدامة.