إن كل ما يحيط بنا ما هو نتاج لصناعة غربية أمريكية في المأكل والملبس والمشرب فكيف لنا أن نتجرأ بإشهار سلاح المقاطعة الاقتصادية سوى أننا مستهلكين شرهون وغارقون في أدوات أمريكية من الصباح وحتى الخلود للنوم ، وهنا يحق للمناهضين الاستدلال بأن إشهار سلاح المقاطعة كورقة ضغط على الغرب والأمريكان لإيقاف عدوانهم على أطفال ونساء وشيوخ الفلسطينين ووفقا للمنهج البراغماتي فإننا ننتحر لأننا نحرم انفسنا مكاسب تصل إلى 70% من الأرباح من حق اميتاز للعلامات التجارية في بلادننا العربية.

 

والسؤال الذي يفرض نفسه كيف نصل إلى مقاطعة مستدامة بشكل تدريجي؟! لضمان الاعتماد على منتجات وطنية في المأكل والملبس والمشرب ليصبح القرار الإقتصادي والسياسي عربي خالص لا يؤثر عليه أي قوى مهما كانت ويستطيع مجابهة أي تحديات، هذه الاستراتيجية هي الاكتفاء الذاتي على المستوى الفردي والمؤسسي والحكومي، يكون هدفها الرئيس الاعتماد على إنتاجنا الصناعي والزراعي والغذائي والتعليمي والفكري.

 

إن مفتاح هذه الاستراتيجية هي امتلاك التقنيات الحديثة في جميع المجالات ومنها الحوسبة السحابية والذكاء والاصطناعي وإنترنت الأشياء ومصدر هذه التقنيات العالية ليس غربيًا او أمريكيًا فقط بل يمكن الحصول عليها من شركات تابعة لدول كان لها موقف واضح ضد المجازر الاسرائيلية.

 

إن رؤية المملكة 2030 التي أطلقها ولي العهد محمد بن سلمان حافظت على التوزان في الشراكات الاستراتيجية الاقتصادية واشترطت أن يكون نقل المعرفة حق أصيل في التصنيع في جميع المشاريع الاقتصادية والصناعية مع الشركات العالمية، وهذا ما نبحث عنه في عالمنا الاقتصادي العربي والإسلامي.

 

والخلاصة أن دعم شركات تقنية المعلومات والاتصالات الأمريكية الكبرى منها أوراكل وجوجل وأمازون وانستغرام ودل ومايكروسوفت وسيمنز وإنتل و اتش بي لدولة الاحتلال وتزويدها بتقنيات الحديثة في إبادة شعب فلسطين في قطاع غزة هو مخالفة لكل القوانين والأعراف الدولية تجعل الحكومات العربية والإسلامية أكثر حرصا على مقاطعة الشركات الأمريكية والغربية التي تمد الكيان الصهيوني بالتقنيات العالية، والتوجه نحو بدائل أخرى من الشركات الكبرى التي ساندت دولها وقف المجازر الإسرائيلية. 


وهذا التوجه يضمن لنا نقل المعرفة التقنية وتوطين التقنيات العالية للتخرين السحابي والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والبيانات الضخمة في أوطاننا ومن ثم يقود نحو استراتيجية وطنية تمتلك الأدوات لنباء اقتصاد تنموي مستدام، وعلينا أن نؤمن بأن حياتنا ومستقبلنا ونمو اقتصادات دولنا وتطور مجتمعاتنا ليست حكرا على تقنيات الشركات الأمريكية والشركات البديلة التي تملك أيضا تقنيات متقدمة بمستويات عالية متاحة، فعدو عدوي صديقي، والأولوية في شراكاتنا التكنولوجية للشركات والدول الصديقة التي لم يعكر صفو ابتكاراتها دعم الحرب على غزة.