بحلول العام 2100 سيكون قرابة 5 مليارات مستخدم لموقع فيسبوك قد ماتوا، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو من يتحكم بميراثنا الرقمي بعد فنائنا؟

البداية كانت على الأرجح عندما ظهرت تغريدة للمدونة الشابة إستر إيرل (16 عاما) بعد وفاتها  في 25 أغسطس 2010، إثر معاناة مع السرطان استمرت 4 سنوات.

في 18 فبراير 2011، أي بعد 6 شهور على وفاتها، نشرت تغريدة إستر على حسابها على موقع تويتر، وقالت فيها "اليوم حاليا هو الجمعة 14 يناير 2010.. أريد أن أقول فقط إنني آمل أنني ما زلت على قيد الحياة عندما تنشر هذه التغريدة" وأرفقتها مع "سمايلي بنظارة".

هذه التغريدة أثارت أشجان وعواطف أصدقاءها ومتابعيها على تويتر بحسب ما ذكرت والدتها لوري إيرل، كما ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية.

وأوضحت لوري أنها لم تعرف ما هو التطبيق الذي استخدمتها ابنتها في إعادة إرسال التغريدة، لكنها بالتأكيد لم تكن تقصد إرسالها للجميع وإنما لنفسها على أمل أن تكون على قيد الحياة.

وفي حالة إستر فقد استخدمت تطبيق "فيوتشر مي" لإرسال رسال البريد الإلكتروني لها شخصيا (لذاتها) مع تفويض لوالديها بضرورة قراءة رسائلها.

على أي حال، ثمة العديد من التطبيقات والبرمجيات المتاحة حاليا التي تتيح جدولة إرسال رسائل في المستقبل أو بعد الموت، منها ما هو معني بإرسال رسال صوتية وأخرى نصية أو غير ذلك.

ويعتقد البعض أن هذه التطبيقات وإرسال الرسائل بعد الوفاة يتيح مخاطبة الآباء والأبناء والأحفاد ويبعث على الراحة، بينما يعتقد البعض أنه قد يثير شعورا بعدم الارتياح بالنسبة للأقارب والأصدقاء.

وفي استبيان أجرته مؤسسة "يو غوف" في نوفمبر 2018، تبين أن 7 في المئة فقط من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي يرغبون في أن تظل حساباتهم مفتوحة حتى بعد وفاتهم.

تقول عالمة النفس والمؤلفة إلين كاسكت إنه من السذاجة الافتراض بأن "حياتنا الرقمية على الإنترنت تموت بموتنا".

ومن الناحية العملية، فإن الكم الكبير من البيانات الرقمية يمكن أن تتسبب بتعقيدات بالغة للأحباء، خصوصا لمن لا يملكون "كلمة السر" للوصول إلى هذه البيانات.

يقول المهندس ريتشارد (34 عاما) إنه "يلعن" والده دائما نظرا لأنه لا يستطيع الوصول إلى بريده الإلكتروني الرسمي والشخصي أو حتى الولوج إلى كمبيوتره، وذلك على العكس تماما من حالة يان أولي لينكه (24 عاما) الذي ترك له والده آخر كلمة سر استخدمها قبل وفاته، الأمر الذي أتاح له الوصول بسهولة لكل بيانات والده.

وبسبب الوعي بأهمية المحافظة على البيانات، تأسست شركة معنية بالاحتفاظ بكلمات السر للمستخدمين بعد وفاتهم من أجل أن يصل إليها أحبتهم لاحقا.

الفكرة بدت جميلة في البداية، لكن بعد سنوات أفلست الشركة وأغلقت أبوابها ولم يعد بالإمكان التواصل مع مؤسسيها.

وأثارت كاسكت أمر الخصوصية على فيسبوك، وعدم منح الشركة كلمة السر لأهالي فتاة قتلت دهسا بواسطة قطار.

وقالت إن الأمر مثير للقلق خصوصا عندما تزعم شركة تكنولوجية عملاقة الأمانة والشفافية والأخلاق، بينما تبيع أو تسهل عملية وصول جهات أخرى للبيانات الشخصية الحساسة للمستخدمين دون علمهم.

وتحذر كاسكت من عدم القدرة على التحكم بالهويات الرقمية أو الإلكترونية على الإنترنت، مشيرة إلى أنه من الضرورة بمكان أن يكون للراحلين الحق بالتحكم بما يحدث لبياناتهم الشخصية وهوياتهم الإلكترونية بعد وفاتهم.

وتقول كاسكت إن على الناس أن يتخذوا قراراتهم حيال هوياتهم على الإنترنت، خصوصا وأن لا أحد يعرف حجم المشكلات التي يخلفونها بعد وفاتهم.

ولكن يبقى حساب الشخص المتوفى فعالا على فيسبوك إلى حين تقدّم أحد أقاربه أو المسؤولين القانونيين بطلب رسمي لإغلاق الحساب بصفة نهائية.

بيد أن موقع "فيسبوك" يتيح أيضا تحويل صفحة الفقيد إلى صفحة خاصة لتأيبنه، حيث يتحول حسابه إلى "حساب للذكرى"، تجتمع فيه عائلته وأصدقاؤه لتبادل الذكريات حول الشخص المتوفى.

ولكن يجب على الشخص "قبل أن يفارق الحياة" أن يعين شخصا آخر ليدير حسابه بعد الموت من خلال الخيار التالي:

Settings>General Account Settings>Your Legacy Contact

وفيه يضيف الشخص أحدا من الموجودين في قائمة أصدقائه لإداره حسابه بعد أن يموت.

ويظهر بجانب اسم المستخدم عبارة "تذكار"، التي تخبر زوار الحساب بأن الشخص المذكور توفي وأن الحساب هو للذكرى فقط.

وقال فيسبوك "لا أحد يمكنه التواصل مع حساب الذكرى.. كل المنشورات المنشورة فيه تظهر لأصدقائه فقط وليس لعموم".

مضيفا "يمكن لصاحب الحساب تعيين صديق ما أو فرد من عائلته للتحكم في حسابه بعد وفاته.. سيصبح قادرا على تعديل صورته الشخصية وقراءة الرسائل وحذف أصدقاء، تعديل أو حذف منشورات.."

كما يمكن للشخص الذي يرث الحساب اختيار خاصية "حذف الحساب نهائيا من فيسبوك بعد الوفاة"، من خلال خيار الوارث الذي يمكن الوصول إليه كالتالي:

Settings>Security>Legacy Contact>Request account deletion