تولي دولة الإمارات العربية المتحدة أهمية خاصة لثقافة "الابتكار" كأحد الركائز الأساسية المساهمة في تنفيذ الخطط التنموية والمشاريع المستقبلية. وكما برع أبناء الإمارات في التجارة والصيد على مدار العقود الماضية، ها هم اليوم يرتقون ببلادهم إلى مزيد من النجاح بفضل قدراتهم الابتكارية وإمكاناتهم الإبداعية في العديد من المجالات، حيث تتواصل مسيرة الازدهار في البلاد في ظل التقنيات الحديثة التي باتت رديفاً جديداً لنجاح مسيرة التنمية والتطوير بعقول وسواعد وطنية.

على مدار الأعوام الماضية، بذلت قيادة الدولة جهوداً كبيرة لتعزيز ثقافة الابتكار التي أدت بدورها إلى تحقيق العديد من الإنجازات. وبفضل استراتيجياتها الطموحة مثل رؤية الإمارات 2021 ومئوية الإمارات 2071 واستراتيجية الابتكار الوطنية، ترتقي البلاد بإنجازاتها بفضل ثقافة الابتكار التي رسختها قيادة البلاد الحكيمة على مدى سنوات طويلة، وباتت تسهم في تحسين جودة الحياة ودفع عجلة التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

شهدنا على مدار العام الماضي تنامي دور تقنية المعلومات والاتصالات بشكل غير مسبوق، خصوصاً خلال فترة الجائحة، حيث ساهمت التقنيات الحديثة باستمرار العديد من الأنشطة كالتعليم والعمل عن بعد والتواصل الاجتماعي بفضل تقنيات عصرية مثل المؤتمرات عبر الفيديو والحوسبة السحابية وغيرها. ويتم استخدام هذه التقنيات بطرق جديدة ومبتكرة في الوقت الحالي في جميع مناحي الحياة ومختلف القطاعات في دولة الإمارات، بما يؤدي إلى تحسين حياة الناس سواء في تنقلاتهم اليومية أو توفير الرعاية الصحية وإجراء عمليات الدفع والحصول على الخدمات الحكومية باستخدام التقنيات الرقمية.

وفي ظل تطور البنية التحتية لتقنية المعلومات والاتصالات في الإمارات وزيادة الاعتماد على دمج عدد من التقنيات المتطورة كالجيل الخامس والذكاء الاصطناعي والحوسبة، نحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى مزيد من جهود تحفيز الشباب الإماراتيين على الاهتمام بالابتكار لمسايرة التطور التكنولوجي المتسارع من خلال تزويدهم بالمهارات التقنية والقدرات الرقمية التي تمكنهم من دفع عجلة التحول الرقمي في البلاد ودعم مسارات تحقيق الأهداف الوطنية بالاستفادة القصوى من التكنولوجيا.

سيسهم تعزيز إمكانات الشباب في إعداد جيل من المبتكرين في مختلف القطاعات للمساهمة في تحقيق أهداف الاستراتيجيات والرؤى الوطنية الطموحة لبلادهم. وقد بذلت الحكومة الإماراتية جهوداً كبيرة بالتعاون مع القطاع الخاص لتنمية المواهب التقنية وتطوير قدراتها، إلا أنه ينبغي علينا بذل مزيد من جهود التعاون والعمل المشترك على أولوية إعداد الشباب للمضي قدماً في تحقيق الخطط والاستراتيجيات الضامنة لمواصلة مسيرة نجاح الإمارات.

ستسهم الخطط والبرامج التعليمية وتبادل المعارف والخبرات في بناء نظام إيكولوجي للمواهب المحلية، وهو عماد النظام الإيكولوجي المطلوب بناؤه لقطاع تقنية المعلومات والاتصالات الضامن بشكل كبير للتنمية الاجتماعية والاقتصادية. وهنا تبرز أهمية التعاون بين القطاعين العام والخاص لتعزيز فكر الابتكار وتنمية المواهب وتزويدها بالقدرات العملية اللازمة. وهنا يأتي أيضاً الدور الهام للجامعات في تطوير مناهج تلائم متطلبات تنمية المواهب المستقبلية وترتقي للمتسارعات الحاصلة في قطاع التكنولوجيا عالمياً، وأن تتحد جهود مختلف الهيئات الحكومية المعنية وشركات الاتصالات وموردو تقنية المعلومات والاتصالات في تعزيز النظام الإيكولوجي المنشود من خلال بناء مزيد من جسور العمل المشترك الذي يصب في صالح مستقبل الجيل القيادي الجديد من الشباب.

في هذا الإطار، توفر مبادرات هواوي مثل برنامج بذور من اجل المستقبل ومسابقة تقنية المعلومات والاتصالات التي تجري في الوقت الحالي الفرصة لاستفادة طلاب جامعات الهندسة والتقنية من الإنجازات التي تم تحقيقها في مجال التقنيات المتطورة كالجيل الخامس من الشبكات والذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والتعامل مع البيانات الضخمة. وتتاح الفرصة أمام الطلاب من خلال هذه البرنامج للتواصل بين أقرانهم على المستوى المحلي والإقليمي والدولي. وتسهم هذه البرامج التي تدعمها مشكورة العديد من الجهات الحكومية كهيئة تنظيم الاتصالات في تعزيز نهج الابتكار والفكر الإبداعي لدى الطلاب، وجَسْرِ الفجوة بين فصول التعليم النظري والخبرات العملية اللازمة لدخول سوق العمل وتعزيز القدرات التنافسية للقطاع التقني.

من خلال الاستثمار في النظام الإيكولوجي الابتكاري للمواهب التقنية المحلية، يمكن إعداد جيل قيادي جديد يواكب مختلف التحديات الاجتماعية والاقتصادية من خلال التكنولوجيا، ويرتقي للوفاء بمتطلبات التنمية والتطوير في الإمارات للمضي قدماً بجهود التنوع الاقتصادي وبناء الاقتصاد الرقمي المستدام القائم على المعرفة الذي سيرخي بظلال فوائده على كافة القطاعات والصناعات في الإمارات بالتوازي مع قطف ثمار الخطط والاستراتيجيات الطموحة للقيادة الرشيدة في البلاد.