ترتبط معظم الأنشطة اليومية التي نقوم بها بالشبكة العنكبوتية بشكل أو
بآخر. ويتفاقم يوماً بعد حجم المعلومات
المتبادلة بين الأفراد، وبين الإنسان والآلة، وبين الآلة
والآلة، ما يفرز مزيداً من تحديات الأمن السيبراني لشبكات الاتصالات التي تعتبر
العصب الأساسي لتبادل البيانات والربط بين الأفراد والمجتمعات.
هناك
العديد من المعايير والمقاييس الدولية المشتركة والمتفق عليها من قبل كافة
المعنيين بقطاع الاتصالات من مشغلين وهيئات تنظيم. وتم إصدار هذه المعايير من قبل منظمات وهيئات
عالمية متخصصة كالاتحاد الدولي للاتصالات (ITU) والجمعية
الدولية لشبكات الهاتف المحمول(GSMA) ومشروع
شراكة الجيل الثالث (3GPP) التي تحمل عضويتها أغلب
الدول إن لم يكن جميعها. وتم بناء هذه المعايير وفقاً لأفضل الممارسات
المتبّعة في قطاع الاتصالات، وتستهدف بالدرجة الأولى التعامل مع مختلف التهديدات
السيبرانية المحتملة، خصوصاً في زمن شبكات الجيل الخامس.
معايير
نظام ضمان أمن معدات الشبكة (NESAS) ومواصفات ضمان
الأمن (SCAS) من الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول
ومشروع شراكة الجيل الثالث أمثلة حية على الجهود التعاونية العالمية في معالجة
الأمن السيبراني، ونماذج مجدية لتقييم امتثال المصنعين بمتطلبات الأمان. وهذه
المعايير متفق عليها دولياً، الأحرى بالدول الالتزام بها في وجه أية خلافات في مجال
أمن معدات الشبكات. وهناك العديد من الأمثلة الأخرى كالطيف التردي للشبكات(SPECTRUM) والنطاقات
الترددية الخاصة به مثل 6 جيجاهيرتز الذي تشجع على استخدامه معظم الدول كمحور دعم
هام لنجاح المرحلة المتقدمة من شبكات الجيل الخامس.
كمستخدمين عاديين للتكنولوجيا الرقمية، نفرح بقراءة خبر
عن لقاءات اشتملت على حوارات بناءة للارتقاء بجهود التعاون الدولي لتبني معايير
مشتركة للأمن السيبراني كما حصل مؤخراً بموتمر M360 Eurasia
الذي نظمته في أذربيجان الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول(GSMA) وتضمن نقاشاً منفتحاً لنخبة من قادة وخبراء ومحللي وشركات وهيئات
تنظيم الاتصالات في المنطقة حول التعاون في مجال الأمن السيبراني، شارك فيها أيضاً
كبير خبراء الأمن السيبراني في شركة هواوي.
ناقشت جلسة الحوار
مع الإعلاميين أحدث توجهات وابتكارات الأمن السيبراني في قطاع الاتصالات بدول
المنطقة، وما يجب على الجهات
الفاعلة في قطاع الاتصالات تبنيه والقيام
به للتصدي لتهديداته. وتخللت الجلسة الرد على أسئلة الإعلاميين المتخصصين بالرقمنة
وأمنها السيبراني وقضايا تتعلق بمواءمة الأولويات الاستراتيجية للرقمنة والأمن السيبراني
للشبكات في دول المنطقة، واستشراف مزيد من أوجه الشراكة والتعاون بين الأطراف
المعنية في مجال الأمن السيبراني لشبكات الاتصالات.
ناقش المشاركون مواضيع
متنوعة، مثل التعاون بين مشغلي شبكات الاتصالات وشركائهم ومزودي الخدمات والعملاء
في التصدي لتهديدات الأمن السيبراني للاتصالات، وكيف يمكن للمنظمين دعم تطوير
الأمن السيبراني في قطاع الاتصالات المحلي، والدور الذي يلعبه الأمن السيبراني في
حماية البنية التحتية للمعلومات الحيوية والاقتصاد الرقمي. .
شارك في الجلسة
كلٌّ من الدكتور تورال مامادوف، مدير المركز الأذربيجاني للاستجابة لحالات الطوارئ
الحاسوبية؛ والدكتور محمد خالد، مدير تطوير الأعمال والمشاريع الاستراتيجية لدى e&
المؤسسات ؛والدكتور هيثم بن هلال الحجري، كبير المسؤولين التنفيذيين لمشاريع الأمن
السيبراني في المركز الوطني للسلامة المعلوماتية في سلطنة عمان؛ والدكتور إلفين بالاجانوف، رئيس مجلس إدارة جمعية
منظمة الأمن السيبراني الأذربيجانية؛ والدكتور الويسيوس
شينج، رئيس قسم الأمن في هواوي الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.
في مداخلته، قال الدكتور تورال مامادوف: "ننضم إلى المجتمع الدولي
في تسليط الضوء على المخاطر التي تشكلها الجرائم السيبرانية. ونطمح إلى العمل مع
شركائنا العالميين من أجل اتخاذ إجراءات مشتركة تضمن حماية شبكات الاتصالات التي
تمثل عنصراً بالغ الأهمية للاستفادة من جميع الفرص التي يقدمها الاقتصاد الرقمي".
وشكر مامادوف المنظمين والمشاركين والجهات الراعية على تنظيم الحدث في باكو، مع التأكيد على التزام بلاده بأعلى معايير
الأمن السيبراني.
وقال الدكتور محمد خالد: "بينما نمضي قدماً إلى
حقبة جديدة من الاتصال والتقنيات المعرفية، فإن أهم مهامنا كشركة اتصالات رائدة
تتمثل في تأمين شبكاتنا ضد التهديدات السيبرانية وخلق فضاء إلكتروني آمن. ونحن
ندرك أن التهديدات الإلكترونية عالمية بطبيعتها، وكذلك يجب أن تكون الحلول الموجهة
لمعالجتها. وفي هذا الإطار، نحن فخورون لوجودنا هنا والانضمام إلى الشركاء والأطراف
المعنيين الآخرين في إيجاد حلولٍ للتصدي للتهديدات المشتركة".
من جهته، علق
الدكتور هيثم بن هلال الحجري بقوله :"أصبح ترابط
العالم السيبراني حقيقة لا مفرّ منها اليوم، ولسوء الحظ أدى ذلك إلى زيادة التهديدات
الخبيثة، وبالتالي بات يشكل موضوع حماية الأصول الرقمية مصدر قلق لجميع البلدان. ويعد
الأمن السيبراني مسؤولية مشتركة ويجب على وكالات الأمن القومي ومزودي خدمات
الاتصالات والجهات الفاعلة في قطاعات تقنية المعلومات والاتصالات العمل يداً بيد لتعزيز
الأمن السيبراني، وضمان استمرار مزودي خدمات الاتصالات بتقديم خدمات رقمية متطورة
لا تعيقها التهديدات السيبرانية".
وقال إلفين بالاجانوف: "نفخر باستضافة شركائنا وأصدقائنا
هنا في أذربيجان لنتصدى معاً للمخاطر السيبرانية التي تهدد شبكاتنا ونمونا
الاجتماعي والاقتصادي. وتشكّل حماية البنية التحتية للمعلومات الحيوية أولوية
رئيسية للحكومة الأذربيجانية، حيث تقوم هذه الأنظمة الحيوية بوظائف يمكن أن تسبب
ضرراً كبيراً يعيق مصالح الدولة والمجتمع والمواطنين في حالة تعطلها. لذلك، من
الضروري أن يقوم مزودو خدمات الاتصالات بتطبيق الإجراءات الوقائية والبروتوكولات
والتقنيات المناسبة للتخفيف من المخاطر السيبرانية وحماية البنية التحتية
للمعلومات الحيوية لدينا".
وعلّق الويسيوس شينج بالقول: "علينا التفكير في كيفية
تلبية متطلبات الامتثال الصارمة للجهات التنظيمية من جهة، وكيفية توفير منتجات
وخدمات آمنة وجديرة بالثقة تفي بالتزاماتنا تجاه العملاء من جهةٍ أخرى. يجب علينا
أيضاً تبني نهج الدفاع من البداية لتوفير مستويات أعلى من الأمان، وضمان استمرارية
ومرونة الأعمال، وتحسين الكفاءة وتعزيز تجربة العملاء، مع التركيز دوماً على حماية
خصوصية المستخدم".
من الجيد أن نرى
انفتاحاً في نهج موردي التكنولوجيا على صعيد الأمن السيبراني، حيث أكد الويسيوس أن
أحد أبرز استراتيجيات شركة هواوي في يتمثل ببناء وتنفيذ نظام عالمي متكامل للأمن
السيبراني وحماية الخصوصية. وقد ابتكرت الشركة نظاماً فعالاً ومستداماً وموثوقاً
لضمان حماية الخصوصية والأمن السيبراني بالاستناد إلى متطلبات المنظمين والعملاء
وأفضل الممارسات في قطاع الاتصالات، وبالامتثال للقوانين واللوائح المعمول بها في
البلدان التي تعمل فيها الشركة والمعايير الدولية. وأن الشركة تتعاون مع منظمات تُعنى
بأمن الإنترنت في المنطقة، مثل فريق الاستجابة للطوارئ الحاسوبية في منظمة التعاون
الإسلامي (OIC-CERT) ومنظمة FIRST، ودخلت في شراكة مع عدد من أبرز شركات الأمن
لضمان الأمن السيبراني لـعملائها وتعزيز عمل القطاعات على أكمل وجه. وأن الشركة تكرّس
جهودها للعمل مع الحكومات والعملاء وشركاء القطاع لمواجهة تحديات الأمن السيبراني
وحماية الخصوصية، وبالتالي تعزيز الحاجة إلى التعامل مع الأمن السيبراني على أنه مسؤولية
جماعية والحفاظ على بيئة مفتوحة وتعاونية تشجع على الابتكار والشفافية. وتدعو
هواوي عبر هذه الجهود إلى اعتبار الأمن السيبراني مفتاحاً لحماية أصولنا الرقمية
والاستفادة منه لدعم الأعمال.
ونظراً لأن تزايد
تعقيد وتداخل شبكات الاتصالات يجعلها أكثر عرضةً للتهديدات السيبرانية، يبرز دور
الأمن السيبراني للاتصالات باعتباره ركيزة رئيسية للأمن القومي، وبالتالي لا بُد
من تضافر جهود الأطراف المعنية في مجال الاتصالات لتطوير وتحسين الأمن السيبراني
للقطاع. ويشمل ذلك العمل عن كثب مع مزودي خدمات الاتصالات ومصنّعي المعدات والجهات
الحكومية والأطراف المعنيين الآخرين لتحديد مخاطر الأمن السيبراني والحدّ منها،
وتطوير وتنفيذ أفضل الممارسات، وزيادة الوعي بأهمية الأمن السيبراني في قطاع
الاتصالات.
تفاصيل
كثيرة كتلك التي ذكرناها في مجال أمن معدات الشبكات لا توضع عادة في متناول يد المستهلك أو
القارىء رغم أنها تلامس تفاصيل حياته اليومية وأمن معلوماته الشخصية، ومن حقه أن
يناشد المعنيين – خصوصاً في الدول التي قطعت شوطاً طويلاً في مجال نشر التقنيات
الرقمية المتطورة كالمملكة العربية السعودية ودول الخليج – أن تستمر بتبني نهج
المعايير المتفق عليها دولياً، بالتأكيد مع الأخذ بعين الاعتبار أن هناك حسابات
لسياسات وتنظيمات ومعايير خاصة بطبيعة كل سوق محلي، لكن يجب أن تكون منظومة العمل
موجهة نحو تحقيق مزيد من الفوائد للمواطن، بعيداً عن حروب التنافس التجاري بين
الغرب والشرق وما تتضمنه من تموجات سياسية لا يجب أن تؤثر على حرفية عالم التكنولوجيا ومعاييره المتفق
عليها.