مع تنامي استخدام شبكات الجيل الخامس 5G عالمياً منذ إطلاقها قبل خمس سنوات، وتمكنها من جذب نحو 1.8 مليار مستخدم حول العالم حتى اليوم، وانتقال العديد من مشغلي الاتصالات حول العالم وفي مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي للاستفادة من ميزات المرحلة التالية من هذه الشبكات وهي الجيل الخامس المتقدم، أصبح التركيز على معايير ضمان أمنها ضرورة ملحة، سيما مع تسارع تطورها وانتقالها لمراحل جديدة متقدمة تقترن إمكانياتها بقدرات تقنيات أخرى متطورة كالذكاء الاصطناعي والسحابة الالكترونية. وبات لزاماً أكثر من أي وقت مضى رفع مستوى الحرص على خصوصية البيانات والحفاظ على جاهزية عالية للتصدي لمختلف أنواع الهجمات السيبرانية التي من الممكن أن تعترض عمل الشبكات.

 

 

تعتبر الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول (GSMA) في صدارة المنظمات العالمية المتخصصة التي بادرت لطرح أفضل المعايير والممارسات العالمية في مجال اتصالات المحمول ونشر علومها وتجاربها للمشغلين والمنظمين حول العالم للتأكيد على تشغيل شبكات اتصالات أكثر أماناً تضمن حماية وخصوصية المستخدمين وفق أعلى المعايير المثبتة النتائج وفق تجارب عملية. ويعتبر نظام ضمان أمن معدات الشبكات (NESAS) أحد أبرز ما قدمته الجمعية كقاموس لعالم اتصالات المحمول، ويعتبر دليلاً ملموساً على جهودها في تطوير معايير الأمن السيبراني.

 

 

نظام ضمان أمن معدات الشبكات (NESAS) كان محور نقاشات "منتدى سياسات وحوكمة تقنية المعلومات والاتصالات في منطقة الشرق الأوسط" الذي نظمته مؤخراً الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول (GSMA) ضمن فعاليات المؤتمر العالمي للجوال شنغهاي 2024. وحضر المنتدى نخبةً من خبراء الجمعية والجهات التنظيمية ومشغلي شبكات الاتصالات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى، إلى جانب ممثلين عن الأكاديمية الصينية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وشركة هواوي؛ ناقشوا أهمية تبني معايير أمنية معترف بها عالمياً في عصر الجيل الخامس، وسلطو الضوء على نهج سياسات أمن الشبكات الاستباقي والأطر التنظيمية التي تتناسب مع طبيعة أسواق دول المنطقة.

 

 

وخلص المشاركون في المنتدى إلى أنه على الرغم من وجود علاقة متداخلة بين الابتكار والأمن السيبراني؛ خاصة أن شبكات الجيل الخامس فتحت آفاقاً واسعة للابتكار وتمكين التقنيات التحولية مثل إنترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعي، والواقع الافتراضي، إلا أن الترابط المتزايد والمعقد بين هذه الشبكات أدى إلى اتساع نطاق التهديدات السيبرانية، الأمر الذي يحتّم على القطاع اعتماد نهج استباقي وتعاوني لتحقيق الأمن السيبراني. وأكدوا على أن نظام ضمان أمن معدات الشبكة (NESAS) يمثل لبنة هامة في هذا السياق، حيث يوفر إطاراً شاملاً لتقييم أمن معدات الشبكة وتعزيز أفضل ممارسات القطاع، لا سيما أنه يتوافق مع معايير مشروع شراكة الجيل الثالث (3GPP)، حيث يضمن النظام اتباع نهج متسق وشفاف لتقييم أمن الشبكات مما يساعد في بناء الثقة لدى جميع أصحاب المصلحة.

 

 

وشدد المشاركون على أن فوائد هذا النظام تتخطى حدود الجوانب الفنية لأمن الشبكات، مؤكدين أن إرساء معايير معترف بها عالمياً، سيسهم في توفير فرص متكافئة لبائعي المعدات، وتشجيع الابتكار والمنافسة مع بقاء الاعتبارات الأمنية على رأس الأولويات. مما يعود بالنفع على المشغلين والمستهلكين الذين سيمتلكون ثقة أكبر في أمان شبكاتهم والخدمات التي يعتمدون عليها.

 

 

وفي الوقت الذي حث المجتمعون فيه على أهمية التعاون وتبادل المعرفة لمواجهة التحديات المعقدة لأمن شبكات الجيل الخامس، أرست هواوي التي لفتت مشاركتها في الحدث الانتباه بعد طرحها للعديد من حلول الشبكات المتقدمة المدمجة بقدرات الذكاء الاصطناعي، نموذجاً يحتذى لكيفية عمل شركات القطاع مع الهيئات التنظيمية وجمعيات القطاع والشركاء كافة لتطوير وتطبيق معايير أمنية قوية تخدم مصالح الجميع، وكانت معدات هواوي لشبكات الجيل الخامس اللاسلكية والأساسية أول معدات تجتاز نظام ضمان أمن معدات الشبكة (NESAS). وتتجنب عملية التقييم المتكاملة التقييمات المنفردة والتكاليف الناتجة عنها مع تحسين شفافية مستويات الحماية الأمنية في القطاع من خلال تحقيق نتائج ملموسة قابلة للقياس.

 

 

يغطي نظام ضمان أمن معدات الشبكة 20 فئة تقييم، كما يحدد متطلبات أمنية واضحة وإطار عمل تقييمياً لتطوير منتجات الجيل الخامس وعملياتها على امتداد دورة حياتها. علاوةً على ذلك، يستخدم هذا النظام حالات اختبار الأمان التي حددها مشروع شراكة الجيل الثالث لتقييم أمن معدات الشبكة.

 

 

وأكد جواد عباسي، رئيس الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذي أدار حوارات الطاولة المستديرة في المنتدى أن الجمعية تحرص على استكشاف جميع الاعتبارات الأمنية بما في ذلك أمن تصميم ونماذج طرح شبكات الجيل الخامس، ومختلف الأنشطة الأمنية لشبكات المحمول. بينما ركز جيف وانغ، رئيس قسم العلاقات العامة والاتصالات في هواوي عالمياً في كلمته خلال افتتاح المنتدى على ثلاثة محاور تعتبرها هواوي الأهم على مستوى حصاد ميزات الرقمنة وهي تعزيز قدرات الاتصال، والتركيز على احتضان التطبيقات الرقمية، والتعاون في مجال تمكين المواهب الرقمية.

 

 

بدوره، أكد الدكتور ألويسيوس تشيانغ، كبير مسؤولي الأمن السيبراني لدى هواوي في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، أن هواوي تعتمد نهجاً استباقياً لتوحيد معايير الأمن السيبراني للاتصالات، قائلاً: "في الوقت الذي نرسم فيه رحلتنا إلى المستقبل الرقمي، من الضروري أن يحمي الأمن السيبراني ثقة ومرونة الشبكة والفضاء السيبراني والميتافيرس، باعتبار أن البيانات هي النفط الجديد الذي يعمل على تحويل أصول المؤسسات إلى رقمية أو افتراضية بشكلٍ متزايد؛ ويجب لذلك تبني ثقافة الانفتاح والشفافية والتعاون، ذلك أن الأمن السيبراني رياضة جماعية. وبالتعاون مع المنظمات الدولية المعنية كالجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول (GSMA)، يمكننا الاستفادة من إنجازاتها المهمة في هذا المضمار مثل نظام ضمان أمن معدات الشبكة (NESAS) وقاعدة معارف الأمن السيبراني لشبكات الهاتف المحمول (MCKB)، اللذين يرسيان الأسس اللازمة لضمان حماية النطاق الترددي العريض لشبكات الجيل الخامس والجيل الخامس المتقدم وما بعدهما".

 

مع تسارع وتيرة إطلاق شبكات الجيل الخامس حول العالم، تزداد أهمية دور صانعي السياسات في الحكومات والجهات التنظيمية في مجال بناء نظام إيكولوجي آمن ومرن لشبكات الجيل الخامس بتبني معايير أمنية موثوقة ومعترف بها عالمياً، ويمكن لذلك أن يساعد في توفير نهج أمني متسق يعزز التعاون الدولي. وضمن هذا الإطار، يعتمد نجاح نظام ضمان أمن معدات الشبكة (NESAS) على مشاركة ودعم جميع الجهات الفاعلة في القطاع، بدءاً من بائعي ومشغلي المعدات وصولاً إلى خبراء الأنظمة الأمنية والأوساط الأكاديمية، ومن خلال تضافر الجهود لمواصلة تطوير وتعزيز إطار عمل النظام، يمكن للقطاع استباق الهجمات الناشئة والحفاظ على شبكات الجيل الخامس آمنة وجديرة بالثقة في السنوات القادمة.

 

مبادرة نظام ضمان أمن معدات الشبكة (NESAS) من الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول (GSMA) نموذج هام للجهود العالمية في مجال ضمان أمن شبكات الجيل الخامس، إذ يوفر هذا النظام إطار عمل شامل ومعترف به عالمياً؛ لتقييم الكفاءة الأمنية وأفضل الممارسات، مما يساعد على بناء الثقة وتعزيز التعاون وحفز الابتكار في قطاع الاتصالات، ويعتبر دليلاً إرشادياً للدول التي تخطط لإطلاق الجيل الجديد من الشبكات في المنطقة. وبينما نمضي قدماً نحو مستقبل مترابط رقمياً على نحو متزايد، لا بُدّ من تعزيز أوجه الشراكة والتعاون وتضافر الجهود لضمان الاستفادة من مزايا الجيل الخامس بالتوازي مع الحرص على الحد من احتمالات تعرض شبكاته لمخاطر الهجمات السيبرانية المتسارعة التطور.